قصة صدفة السلحفاة المصعوقة

  مصنف: قصص حيوانات - - 2720 0

كَانَتْ السُّلَحْفاةُ الصَّغيرَةُ أوين تَخْشَى الخُروجَ مِنْ صَدَفَتِها ، لِأَنَّهَا تَعَرَّضَتْ لِعاصِفةٍ رَعْديَّةٍ قَويَّةٍ فِي مَرَّةٍ مِنْ المَرَّاتِ فَصَّعْقَت صَدَفَتُها بِقوَّةٍ. وَمُنْذُ ذَلِكَ الوَقْتِ أَصْبَحَتْ أوين تَخافُ كُلَّمَا سَمِعَتْ صَوْتَ العاصِفَةِ الرَّعْديَّةِ وَأَصْبَحَتْ تَخافَ مِنْ كُلِّ شَيْءِ حَوْلَها .
فَكَانَتْ السُّلَحْفاةُ الصَّغيرَةُ تَخْشَى مِنْ صَوَّتِ الحَشَرَاتِ الصَّغيرَةِ. بَلْ وَتَخْشَى مِنْ رُؤْيَةِ فِئْرانِ الحَقْلِ وَمِنْ هُبُوبِ الرّياحِ الهادِئَةِ أَيْضًا.
أَصْبَحَتْ أوينٌ تَخْشَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِالْفِعْلِ. وَظَلَّتْ تَتَذَكَّرَ يَوْمَ العاصِفَةِ الرَّعْديَّةِ اَلَّتِي أَزْعَجَتها كثيرًا وَجَعَلَتْهَا تَخْشَى الخُروجَ مِنْ صَدَفَتِها مَرَّةً أُخْرَى ، فَظَلَّتْ بِأَسْفَلِ اَلْصَدَفةِ لَا تُرِيدُ أَنْ تُخْرِجَ رَأْسَها خارجًا مَرَّةً أُخْرَى.
وَفِي يَوْمٍ مِنْ الأَيّامِ ذَهَبَت السُّلَحْفاةُ شانديْ وَهَى الأخْتُ الأَكْبَرُ للسلحفاةْ أوين لِتَتَحَدَّثَ مَعَهَا قَائِلَةً :
هَيّاَ يَا أوينْ عَلَيْنَا أَنْ نَذْهَبَ إِلَى البُحَيْرَةِ لِتَعَلُّمِ العَوْمِ كَعَادَةِ السَّلاحِفِ جميعاً ، فَهُمْ يَسْتَطِيعُونَ العَوْمَ فِي الماءِ والْعَيْشَ أَيْضًا عَلَى البَرِّ.
رُدَّت السُّلَحْفاةُ أوين :
لَا أَسْتَطيعُ أَنْ أَتَعَلَّمَ العَوْمَ ، فَأَنَا خائِفَةٌ مِنْ الغَرَقِ .
فَقَالَتْ   شانديْ :
إِنَّهُ أَمْرٌ بَسيطٌ لِلْغَايَةِ ، وَلَا داعيَ لِلْخَوْفِ مِنْ هَذَا الأَمْرِ فَهُوَ لَيْسَ مزعجاً ، مِثْلَ صَوْتِ الرَّعْدِ .
فَرَدَّت أوينُ :
لَا أَنَا أَخْشَى مِنْ الغَرَقِ ، وَأَنَا لَنْ أَسْتَطيعَ العَوْمَ .
قَالَتْ شانديْ :
أوينٌ ، عَلَيْكَ مواجَهَةُ الخَوْفِ والتَّعامُلِ مَعَ الأَمْرِ بِسَلاسَةٍ أَكْثَرَ ، وَلَا تَدَعيَ تَجْرِبَةً واحدةً تَمْنَعُكِ عَنْ بَاقِي تَجارِبِ الحَياةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يوجَدَ عَواصِفَ رَعْديَّةٍ الآنَ ، فَلِمَاذَا الخَوْفُ ؟ .
حاوَلَت شانديْ   أَنْ تُقْنِعَ أُخْتَها الصَّغيرَةَ أوين بِمواجَهَةِ مَخاوِفِها ، وَأَنَّ لَا تَدَعْ تَجْرِبَةً صَغيرَةً تَجْعَلَها تُعَرْقِلُ إستمتاعْها بِحَياتِها ، فَلَيْسَ مِنْ الجَيِّدِ أَنْ نَعيشَ بِمَشاعِرِ الخَوْفِ طولَ الوَقْتِ فَنَخْشَىَ تَجْرِبَةَ أُمورٍ جَيِّدَةٍ ، قَدْ تَكونَ سببًا فِي المُتْعَةِ والتَّسْليَةِ لَنَا .
وَاسْتَمَرَّتْ شانديْ فِي تَشْجيعِ السُّلَحْفاةِ الصَّغيرَةَ أوينً ، بَلْ وَأَخْبَرْتها أَنَّهَا قَدَّمَت فِي مُسابَقَةِ مَلِكَةِ جَمالِ السَّلاحِفِ وَتَسْعَى لِلْفَوْزِ بِهَذَا اللَّقَبِ ، وَظَلَّتْ تَتَحَدَّثُ مَعَ السُّلَحْفاةَ أوينً حَتَّى تُحَمُّسَها لِتُخْرِجَ رَأْسِها خارِجَ اَلْصَدَفةِ ، وَتَبْدَأُ فِي العَيْشِ بِحُرّيَّةٍ وَاسْتِمْتاعٌ .
وَبَيْنَمَا تَتَحَدَّثُ السُّلَحْفاةُ شانديْ مَعَ أُخْتِها الصُّغْرَى ، السُّلَحْفاةُ أوينٌ ، أَتَتْ سُلَحْفاةٌ أُخْرَى صَغيرَةٍ تُسَمَّى ركَّسي ، لِكَيْ تَسْأَلَ عَنْ الِاتِّجاهاتِ .
قَالَتْ ركَّسي :
أَعْتَذِرٌ عَنْ الإِزْعَاجِ لَكُما ، لَكِنَّ هَلْ مِنْ أَحَدٍ يُخْبِرُني أَيْنَ أَجِدُ بُحَيْرَةَ بيكيْ ؟ أَخْرَجَت أوينُ يَدِها وَرَأْسِها مِنْ أَسْفَلِ اَلْصَدَفةِ ، لِتَصِفَ طَريقَ ذَهابِ ركَّسي إِلَى البُحَيْرَةِ .
وَكَانَتْ المَرَّةُ الأُولَى لِخُرُوجِ السُّلَحْفاةَ أوين مِنْ أَسْفَلِ صَدَفَتِها ، دونَ أَنْ تُشْعِرَ بِخَوْفِ. شَكَرْتَ السُّلَحْفاةُ ركَّسي السُّلَحْفاةَ أوين   عَلَى تَقْديمِ المُساعَدَةِ وَأَخْبَرَتها أَنَّهَا تَتَمَنَّى أَنْ تَرَاهَا مجددًا .
نَظَرَت أوينٌ إِلَى نَفْسِها وَهَى فَرْحَةٌ وَقَالَتْ :
أَنْظُرْي يَا شانديْ ، لَقَدْ خَرَجْت مِنْ اَلْصَدَفةِ وَلَمْ تصعقنيْ العاصِفَةَ الرَّعْديَّةَ ، فَأَنَا لَنْ اسْتَسْلَمَ مَرَّةً أُخْرَى لِلْخَوْفِ .
وَبَيْنَمَا تَقْفِزَ السُّلَحْفاةَ أوينً وَهَى فَرْحَةٍ ، سَمِعَتْ صَوْتَ حَرَكَةِ الأَشْجارِ بِقوَّةٍ ، فَأَسْرَعَت وَقَفَزَتْ عَلَى ذِراعِ أُخْتِها الكُبْرَى شانديْ وَاخْتَبَأْتُ مَرَّةً أَخِّريِّ أَسْفَلِ اَلْصَدَفةِ. وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الصَّوْتُ هوَ عاصِفَةٍ رَعْديَّةٍ بِالْفِعْلِ ، بَلْ كَانَ هُنَاكَ مَجْموعَةٌ مِنْ اَلْسَّناجِبِ يَلْقَونَ الأَحْجارَ عَلَى الأَشْجارِ ، لِتُحْدِثَ صوتًا مخيفًا وَيَضْحَكُونَ .
فَأَتَى واحِدٌ مِنْ اَلْسَّناجِبِ ضاحكًا وَقَالَ للسلحفاةْ أوينَ :
هَلْ أَنْتَ حَقًّا سُلَحْفاةٍ أَمْ دَجاجِه ؟ فَصَاحَتْ السُّلَحْفاةُ شانديْ قَائِلَةً :
لَا تَهْزَأَ مِنْ أُخْتِي أوينً ، فَمَشاعِرُ الخَوْفِ مَوْجودَةٌ بِدَاخِلِ كُلٍّ مِنَّا .
فَرْدٌ اَلْسِنْجابِ ضاحكاً :
وَلَكِنْ أَنَا لَيْسَ لَدَيَّ شيئًا اخشاهْ .
السُّلَحْفاةُ شانديْ :
كَيْفَ تَقولَ ذَلِكَ ، وَقَدْ رَأَيْتُكَ بِالْأَمْسِ تَقْفِزَ مسرعاً عِنْدَمَا رَأَيْت اَلْقَطّةُ تَلْحَقَ بِكَ ؟
خَجَلُ اَلْسِنْجابِ مِنْ إدِّعائه بِأَنَّهُ لَا يَخافُ أبداً ، لِأَنَّ الحَقيقَةَ أَنَّهُ لَا يوجَدَ أَيُّ كائِنٍ عَلَى الأَرْضِ لَا يَخاف ، لِأَنَّهَا مَشاعِرٌ طَبيعيَّةٌ نِواجَها ، وَشَكْرَ اَلْسِنْجابُ السُّلَحْفاةِ شانديْ لِأَنَّهَا عَلَمْتهُ درسًا مفيداً ، وَهُوَ أَنَّ الخَوْفَ شعورٌ طَبيعيٌ ، لَا نَخْجَلُ أَنْ نَعْتَرِفَ بِهَا لَكِنْ عَلَيْنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ مواجَهَتَها بِالطَّرِيقَةِ الصَّحيحَةِ .
فَرِحَت السُّلَحْفاةُ أوينً ، وَتَحَمُّسَت لِلْذَهابِ إِلَى البُحَيْرَةِ ، لِتَتَعَلَّمَ العَوْمُ مَعَ شَقيقَتها السُّلَحْفاةِ شانديْ .

error: النسخ ليس ممكناً