قصة نفس الجزاء

  مصنف: قصص حيوانات - - 2328 0

في الغابة الكبيرة كانت بيوت الحيوانات قريبة من بعضها ، فكان من عادتهم الجميلة أن يطمئنوا كثيرًا على حال بعضهم كجيران ، ومن غاب سألوا عنه ومن مرض زاروه ، وذات صباح تقابلت الغزالة مع جارها القرد فسلمت عليه وقالت: السلام عليكم يا جاري القرد .

القرد:وعليكم السلام يا جارتي الغزالة ، كيف حالك ؟ لم أرك منذ بضعة أيام فلعل المانع خيرا .

الغزالة:أنا مشغولة جدّا بالصغار . أذهب في الصباح الباكر لإحضار طعامهم ثم أعود لأرعاهم وأنظفهم ثم أكنس البيت وأرتبه ، وهكذا يمر اليوم فأنام متعبة لأستعد لليوم التالي ؟

القرد:أعتذر إليك إن لم أسأل عنك هذه الأيام .

الغزالة:لا عليك يا جاري العزيز ، فالحياة مليئة بالمشاغل ، هل رأيت جارنا الحمار الوحشي اليوم ؟

القرد: لا لم أره ، هل حدث له شيء ؟

الغزالة:كنت اليوم أمر أمام بيته فوجدت بابه مغلقًا ، فطرقت الباب عدة مرات لكنه لم يجبني ، وإني قلقة عليه .

القرد:أنا أيضًا لم أره منذ أمس ، دعينا نسأل عنه .

ذهب القرد والغزالة إلى بيت الحمار الوحشي ليستطلعا الأمر ، ويعرفا سبب غياب جارهما ، وبينما ينتظران أمام بيت الحمار مرّ الكلب فسألهما : لما تقفان أمام بيت الحمار ؟ فقالا : إنا نفتقد جارنا الحمار فجئنا نسأل عنه ولكننا لم نجده ، فقال

الكلب: لقد رأيته اليوم في الصباح يسير هو والثعلب إلى أطراف الغابة. تعجب القرد والغزالة وقالا: هذا غريب ، ليس من عادة الحمار أن يسير مع الثعلب ، هيا بنا نذهب للثعلب لنسأل عن جارنا ..

ذهبت الحيوانات الثلاثة إلى بيت الثعلب وطرقوا الباب . فتح الثعلب الباب وهو في ضيق وسألهم : ماذا تريدون؟

الحيوانات:نريد أن نسألك عن جارنا الحمار الوحشي .

الثعلب:لا أعرف عنه شيئا .

قال الكلب : رأيته معك صباح أمس ثم لم يظهر بعد ذلك .

الثعلب:ماذا تقصد ؟ لقد ذهب الحمار بعد ذلك ، وإذا كنت تشك بي فادخل وفتش بيتي .

الكلب:لا داعي ، سوف نبحث عنه في مكان آخر .

وبينما هم في طريقكم يتحدثون ويتعجبون من غياب الحمار ، توقف الكلب وقال : أنظروا أليست هذه رجل جارنا لحمار الوحشي وبها حدوته الحديدية اللامعة .

قالوا:حقّا.

الكلب:وهذه قدم أخرى .

وأخذت الحيوانات تبحث هنا وهناك ، فإذا بهم يجدون رأسه ملقاة قرب بيت الأسد ، فقال القرد : إذا أيها الأصدقاء لقد أكل الأسد صديقنا الحمار الوحشي ، لا بد أنه قتله وهو يسير وحده في أطراف الغابة .

فقالت الزرافة : ليست عادته أن يسير وحده ، لا بد أن في الأمر خدعة .. سوف نكتشفها إن شاء الله .

وفي هذه الأثناء كان الثعلب واقفًا في بيت الأسد وقال له : كيف حال ملك الغابة بعد وجبة الأمس الشهية .

الأسد:تقصد الحمار الوحشي؟

الثعلب:نعم

الأسد:ولكن كيف أتيت به إلى هنا ؟

الثعلب:لقد خدعته وأوهمته أن هناك مرعى خصبًا وحشائش وافرة في أطراف الغابة .

الأسد:أنت ثعلب ماكر .

الثعلب:أنا في خدمتك يا ملك الغابة ، وسوف تأتيك فرائسك إلى بيتك كما جاء الحمار . بعد أن علمت الحيوانات بقصة صديقهم الحمار الوحشي حزنوا على موت جارهم الحمار وجلسوا يتحدثون في أمره وتساءلوا : ما الذي أوصله إلى بيت الأسد ؟… وهم على حالهم هذه جاء الثعلب يتصنع البكاء وقال : لقد حذرته من أخطار الطريق ، لكنه أصر أن يرعى بجوار بيت الأسد ، فغافله وأكله .

قال القرد : لم يذهب هناك قبل ذلك ولا يعرف الطريق ، كيف ذهب ؟

تغير وجه الثعلب وقال : لا أدري ، كان يسير معي يسألني عن أحسن الطرق لينظف بيته وشرحت له ثم تركته .

القرد:ولكن بيت لحمار من أنظف البيوت ،وهو انظف كثيرًا  من بيتك .

إرتبك الثعلب وقال:لا، لقد كنت أسأله أنا عن أحسن الطرق لتنظيف البيت.

وهنا تأكدت الحيوانات أن الثعلب له دور في قتل الحمار الوحشي ، فابتعدت عنه وتجنبت الذهاب إليه أو السير معه .. ولم يجد الثعلب من يخدعه ويقدمه فريسة للأسد ، فذهب إلى بيت الأسد وراح يسترضيه ويقول له : أنا أبذل قصارى جهدي ، وسوف تأتيك قريبا الفريسة التي وعدتك بها ، فقال له الأسد : كيف ستأتي بفريسة أخرى وكل الحيوانات تبتعد عنك .

قال الثعلب مرتبكًا : هذا عملي وسوف ترى ، ثم إنصرف .

إنتظر الأسد الجوع يمزق أمعاءه عدة أيام ، ولكن الثعلب لم يوف يوعده ، وعلم الأسد أن الثعلب يخدعه فأرسل إليه ، وجاء الثعلب إلى بيت الأسد فاستقبله بوجه باسم ، ففرح الثعلب وقال إن الأسد مازال يصدقني وقال : يا زعيم الغابة ، عما قريب تأتيك الحيوانات لتأكلها في بيتك .

الأسد:لاعليك يا صديقي . وقد أعددت لك إحتفالاً بسيطًا ، تفضل بالدخول .

دخل الثعلب بيت الأسد فأغلق الأخير الباب وتقدم نحو الثعلب ليأكله ، فقال له الثعلب : لقد خدعتني أيها الأسد حتى أدخلتني إلى بيتك ، أهكذا يفعل الصديق بصديقه ؟

الأسد:لقد إنتهت مصالحي معك وأنا الآن جائع ولا أجد طعاما إلا لحمك أنت .

الثعلب:أتغدر بي؟

الأسد:وما الغريب في هذا ؟ لقد غدرت بجارك الحمار .

قال الثعلب وهو يلفظ آخر أنفاسه : لقد نلت نفس الجزاء .

 

***

المؤلف/عبدالله محمد عبد المعطي

error: النسخ ليس ممكناً