إن الرسل والأنبياء نمط متفرد من الناس ، وخاصة في تعظيمهم لربهم ، وتقديسهم له ، فهذا نبي الله عيسى كان الله في قلبه أعظم من أن يحلف به أحد كاذبا.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : ( رأى عيسى بن مريم عليه السلام رجلا يسرق فقال له أسرقت قال كلا والله الذي لا إله إلا هو ، فقال عيسى عليه السلام : آمنت بالله وكذّبت عيني ) متفق عليه ، وفي لفظ مسلم : ( فقال عيسى عليه السلام : آمنت بالله وكذبت نفسي ) .
شرح القصة
يحكي النبي ﷺ ما وقع لنبي الله عيسى عليه السلام ، حين مرّ على رجلٍ فرآه يأخذ مالاً لا يحلّ له ، فخاطبه عليه السلام موبّخاً : ( أسرقت ؟ ) وهو سؤال يحمل معنى الإخبار بدليل. وبدلاً من أن يعترف الرجل بذنبه ، ويستغفر ، ويخجل على نفسه ، وهو يرى افتضاح أمره أمام نبيٍّ يتنزّل عليه الوحي صباح مساء ، إذا بالعزّة الآثمة تأخذه ، فيقسم بأغلظ الإيمان وأعظمها أنّه لم يسرق شيئا : ” كلا والله الذي لا إله إلا هو ” .
ولأجل ما قام في قلب نبي الله عيسى عليه السلام من تعظيمٍ لجلال ربّه ، أرجع الخطأ إلى عينه ، وألقى التهمة على نفسه ، يقول الإمام ابن القيّم معلّقاً على ذلك : ” والحق أن الله كان في قلبه أجلّ من أن يحلف به أحدٌ كاذباً ، فدار الأمر بين تهمة الحالف وتهمة بصره ، فردّ التهمة إلى بصره ” .
العبر المستوحاة من القصة
- عظمة اليمين ” كلا والله الذي لا إله إلا هو ” ، تضمّنت المعنى الذي كرّس نبي الله عيسى عليه السلام حياته كلّها لتبليغه والدعوة إليه ، وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبوديّة .
- حسن الظن بالمسلمين ” لأن تحسن الظنّ فتخطيء ، خير من أن تسيء الظنّ فتندم ” .