تدور أحداث قصتنا في محيط كبير و عميق أزرق وصافي، كانت تعيش فيه مجموعة من الأسماك معاً في مكان واحداً و كان من بين كل هذه الأسماك، سمكة أم كبيرة تعيش مع بناتها الصغيرات الجميلات .
ولكن ابنتها الصغرى كانت تُحب المغامرة جداً و تود زيارة منطقة أخرى، يُقال أنها منطقة مليئة بالجمال و المتعة و لكن هذه المنطقة تقع على مسافة بعيدة جداً من المحيط الذي يعيشون فيه .
وفي يوم من الأيام فكرت في الذهاب إلى هناك عن طريق سفينة لأنها أسرع، و عندما عرضت الفكرة على والدتها السمكة الأم نهرتها بشدة و شددت عليها ألا ترتكب مثل ذلك الفعل السخيف .
وذلك لأنها لازالت صغيرة و غير قادرة على السباحة مسافة طويلة، أو حتى مواجهة البشر الذين يصطادون السمك في هذا السن الصغير، وهي لا تعرف كيف تحمي نفسها منهم .
لكنها لم تستمع لنصائح والدتها السمكة الأم وراحت تحكي لصديقها سرطان البحر عن رغبتها في السفر حيث البحر البعيد و البديع .
و أبدى السرطان إعجاباً شديداً بالفكرة و قال أنه أيضاً يرغب في الذهاب معها في تلك الرحلة و لكن أهله يُمانعون، و حينها سمعهم النورس و نصحهم أن يستمعوا لكلام الأهل لأنهم يُريدون مصلحتهم .
ولكن السمكة الصغيرة لم تقتنع بكل هذا الهراء و اتفقت مع صديقها السرطان أن يتقابلوا ليلاً عند الصخرة الكبيرة و يبدئون رحلتهم معاً .
و عندما وصلت هي في الموعد الذي اتفقوا عليه وجدته يقول لها أنه لن يذهب معها لأنه خائف من عقاب أهله و خائف من أن يفقد الطريق، واتهمته بالجبن و ذهبت هي بمفردها إلى الموضع الذي تسير فيه السفينة حتى تلحق بها.
و عندما وصلت وجدت أن السفينة قد أقلعت فأخذت تنادي عليها ولكن لا أحد يُجيب فبالطبع لن يقدر أحد على سماع صوتها الضعيف الصغير.
و أخذت تسبح وحدها بعيداً جداً للحد الذي وصلت فيه إلى مكان لا تعرفه، فوجدت نفسها تائهة بين الصخور و بدأ الطقس أكثر برودة ورعباً و عندما حاولت العودة لموطنها مرة أخرى لم تعرف الطريق و لا حتى من أين جاءت و إلى أين ستذهب .
وأخذت تبكي و تبكي و تسأل الحبار الذي وجدته في طريقها عن مكان موطنها، فنظر لها بكل هدوء و تركها و لم يُجيب على سؤالها .
فسألت قنديل البحر فضحك لها قائلاً أنه لا يعرف المكان، هنا بدأ الرعب يدخل قلبها أكثر فأكثر و بدأت تسأل سمكة السلمون الكبيرة هل تعرفين مكان بيتي فلم تُجيبها سمكة السلمون .
وكانت السمكة الصغيرة خائفة حزينة لا تعرف كيف تتصرف، فقررت المكوث إلى جانب إحدى الصخور القابعة داخل المياه، و فجأة شعرت بأن شيئاً ما يحوم حولها و عندما نظرت وجدتها سمكة قرش كبيرة تريد افتراسها، فأسرعت نحو مجموعة من الصخور ذات الشقوق الضيقة جداً حتى لا يستطيع القرش الإمساك بها .
و بالفعل لجأت إلى هناك و لم يتمكن القرش من أكلها و لكنها ظلت تسأل نفسها ترى كيف ستعود مرة أخرى إلى أمها و أخواتها، و كانت تخرج كل يوم من هذا الشق تبحث عن طعام فلا تجد و كذلك تسأل أحدهم أن يُطعمها فلا يجيب .
حتى هزُلت و ضعف جسدها و لم يكن باستطاعتها الخروج و البحث عن طعام، حتى فُجأة في يوم من الأيام سمعت صوتا ينادي عليها، أنه النورس الذي كان يسكن في موطنها و يعرفها جيداً، فخرجت مُسرعة تقول له أنا هنا يا صديقي النورس .
بعد أن وجدها أخد يلومها على ما فعلت و قال أن أٌمها قلقة عليها للغاية و أنها بحثت عنها في كل مكان فلم تجدها وأنها حزينة .
أرشدها النورس إلى مكان البيت بعد أن جلب لها الطعام، و عندما وصلت إلى موطنها أخذت تبكي و تسأل أمها أن تسامحها، و قالت لها بأنها نادمة و لن تخرج بعيداً وحدها مرة أخرى إلا عندما تكبر و تكون قادرة على الخوض في المغامرات .
و لكن الأم بالرغم من سعادتها بعودة صغيرتها إلا أنها في ذات الوقت كانت حزينة لأنها فقدتها لفترة طويلة و عندما رجعت كانت مريضة هزيلة في حالة يُرثى لها حتى أنها كادت تفقدها .
تحسنت السمكة الصغير بفضل رعاية أمها التي أخذت تعتني بها و تُطعمها و تهتم لشأنها، حتى تعافت تماماً .
قامت بعد ذلك السمكة الأم بمعاقبتها لمدة طويلة حيث كانت السمكة الأم تخرج مع بناتها السمكات الصغيرات وتتركها وحدها في بيتهم الصغير خلف الصخرة .
و منذ ذلك الحين و السمكة الابنة لا تخرج إلا مع أمها حتى تحميها وترعاها لأنها تعلمت أن نصيحة الأهل دائما تكون لمصلحتها .