يحكى في قديم الزمان أنه في يوم من الأيام خرج قطيع الغنم من مكانه ،واتجه إلى إحدى المزارع ،وأخدت الماشية تلتهم الزرع وتعبث في الأرض .
وفي الصباح عندما استيقظ صاحب المزرعة و انطلق إلى مزرعته رأى الأغنام ترعى هناك وكانت قد أفسدت كل الزرع وهي تملأ المكان بثغُائها (صوت الأغنام).
شعر الرجل بالغضب و اتجه إلى صاحب الغنم و اتهمه برعي ماشيته في مزرعته وأن الغنم أفسدت كل المحصول ،وحدثت مشاجرة كبيرة بين الرجلين .
قال صاحب الغنم لنذهب إلى النبي و نحتكم عنده.
وفي الطريق دار بينهما حوار وشجار .
قال صاحب المزرعة : إن عليك أن تحفظ غنمك فلا تتركها ترعى كما تشاء وتفسد زرع الأرض .
أجاب صاحب الغنم : وأنت عليك أن تحفظ مزرعتك وتهتم بها .
قال صاحب المزرعة : أنا أحفظها وأهتم بها في النهار فقط أما في الليل فلا يوجد هناك من يرعى ماشيته ليلاً .
وفي تلك اللحظة وصلا إلى النبي داوود ،كان النبي جالساً كعادته للقضاء بين الناس ،عندما حان دور صاحب المزرعة تقدّم إلى نبينا داوود ” عليه السلام “و عرض عليه القضية .
استمع داوود إلى تفاصيل القصة ،فأصدر حكم الشريعة في هذه القضية .
قال داوود : إن على صاحب الغنم أن يسلّم أغنامه إلى صاحب المزرعة لأنها ألحقت أضراراً بالزرع .
وهنا أراد الله سبحانه أن يظهر فضل سليمان بن داوود وأن يعلم الناس بأنه وصي النبي ،فقذف في قلبه حكماً جديداً .
وهنا قال سليمان : هناك حكم أرفق يا نبي الله !
قال داوود : ما هو هذا الحكم ؟
قال سليمان : يُسلّم الغنم الى صاحب المزرعة عاماً كاملاً فينتفع من صوفها و لبنها ويأخذ ما يَلِدُ منها .
وتُسلّم المزرعة الى صاحب الغنم ليصلح ما أفسدت غنمه من زروعها .
فرح نبي الله داوود بحكم سليمان و أدرك أن الله سبحانه إنّما يريد أن يظهر فضله للناس و يعرّفهم بأنه الوصي و الخليفة بعده .
لهذا نفذ داود حكم سليمان ،فداود عليه السلام حكم بالعدل ،وسليمان حكم بالصلح ،والصلح خير .
وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم “وَداوود وَسُليمان إِذْ يَحكمان فِي الْحرث إِذْ نَفشت فِيه غَنم الْقوم وَكنا لِحُكمهمْ شَاهدينَ (78) فَفهّمناهَا سُلَيمان وكلًّا آَتَينا حُكما وَعلما”
قال الحسن : لولا هذه الآية لرأيت القضاة هلكوا ،ولكنه تعالى أثنى على سليمان بصوابه ،وعذر داوود باجتهاده .
وظل هذا الحكم نافذاً منذ ذلك الزمن .