قصة القرد سهلان

  مصنف: قصص حيوانات - - 1916 0

اَلْقِرْدِ سَهْلَانِ يَعيشَ فِي الغابَةِ. يَسْتَيْقِظُ كُلُّ يَوْمٍ فِي الصَّباحِ البَاكِرِ ، وَيَخْرُجُ ليَبْحَثَ عَنْ طَعامِه مِنْ جَوْزِ الهِنْدِ والْمَوْزِ وَغَيْرِها. يَذْهَبَ فِي الصَّباحِ ثُمَّ يَعودَ حَامِلًا طَعامُه اَلَّذِي جَمْعَه. يَأْكُلَ ثُمَّ يَسْتَريحُ قليلاً ، ثُمَّ يَخْرُجُ لِيَلْعَبَ مَعَ أَصْدِقَائِهِ ، وَيَسْتَمْتِعَ بِجَوِّ الغابَةِ وَأَشْجارِها.
كَانَ اَلْقِرْدُ سَهْلَانِ يَبْذُلْ جهدًا كبيرًا فِي الصُّعودِ إِلَى أَشْجارِ جَوْزِ الهِنْدِ الضَّخْمَةِ لِيَجْمَعَ ثِمارَها. ثُمَّ يَذْهَبُ إِلَى بُحَيْرَةِ الماءِ فَيَشْرَبُ، وَفِي طَريقِ العَوْدَةِ يَحْمِلُ بَعْضَ الماءِ لِيَحْتَفِظَ بِهِ فِي بَيْتِه لِلْشُرْبِ.
وَفِي يَوْمٍ مِنْ الأَيّامِ سَقَطَ المَطَرُ غزيرًا ، فَتَجَمَّعَتْ بَرْكَ المياهِ فِي أَرْضِ اَلْغابَةِ ، وَتَكْسَرَت فُروعُ الأَشْجارِ ، وَسَقَطَتْ الثِّمارُ عَلَى الأَرْضِ.
وَخَرَجَ اَلْقِرْدُ سَهْلَانِ كَالْعَادَةِ فِي الصَّباحِ ، فَوَجَدَ الماءَ قَدْ تَجَمُّعَ أَمَامَ بَيْتِه. فَشَرِبَ وَحَمْلَ بَعْضَ الماءِ لِيَحْتَفِظَ بِهِ فِي الصَّباحِ ، وَوَجَدَ الثِّمارُ مُلْقاةً عَلَى الأَرْضِ. فَجَمَعَ مِنْهَا كَمّيَّةً كَبيرَةً ، وَوَضْعُها فِي بَيْتِه لِيَأْكُلَها فِي الأَيّامِ المُقْبِلَةِ. وَبِالْفِعْلِ كَفَاهُ مَخْزونُ الثِّمارِ والْماءِ لِمُدَّةِ أُسْبوعٍ ، فَاسْتَرَاحَ فِي بَيْتِه وَلَمْ يَعُدْ يَخْرُجُ لِجَمْعِ الثِّمارِ أَوْ إِحْضارُ الماءِ .
وَبَعْدَ أَنْ انْتَهَى مَخْزونَ ثِمارِ جَوْزِ الهِنْدِ لَدَى اَلْقِرْدِ سَهْلَانِ ، خَرَجَ لِيَجْمَعَ الثِّمارَ، فوَجَدَ عمالاً يَحْمِلُونَ ثِمارَ جَوْزِ الهِنْدِ فِي سَيّارَةٍ كَبيرَةٍ فَقَالَ لَهُمْ :
السَّلامُ عَلَيْكُمْ .
وَعَلَيْكُمْ السَّلامُ .
أَنَا اَلْقِرْدُ سَهْلَانِ ، أُريدَ أَنْ تُعْطُونِي بَعْضًا مِنْ ثِمارِ جَوْزِ الهِنْدِ .
لَا بَأْسَ خُذْ مَا تُرِيدُ .
حَمْلَ اَلْقِرْدِ مَا اسْتَطاعَ وَانْصَرَفَ ، وَظَلَّ عَلَى هَذِهِ الحالِ أسبوعًا آخَرَ. ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ لِيَجْمَعَ الثِّمارُ ، فَلَمْ يَجِدْ إِلَّا مَا ألقاهُ العَمَالِ مِنْ الثَّمَرَاتِ الرَّدِيئَةِ ، فَحَمَلَهُ وَرَجَعَ بِهِ إِلَى بَيْتِه.
وَذاتَ صَباحَ لَمْ يَجِدْ اَلْقِرْدَ سَهْلَانِ شيئًا يَفْعَلَه ، فَخَرَجَ يَمْشيَ فِي الغابَةِ ، وَمَرَّ بِصَديقِه اَلْقِرْدَ نَشْطَان.
السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا نَشْطَان .
وَعَلَيْكُمْ السَّلامُ يَا سَهْلَانِ .
مَا شَاءَ اللَّهُ ، أَجِدَ عِنْدَكَ ثمارًا جَيِّدَةً وَطازَجةً ، أَمَّا الثِّمارَ اَلَّتِي عِنْدِي فَهِيَ رَديئَةٌ وَلَيْسَتْ جَيِّدَةً .
كَيْفَ ذَلِكَ ؟ إِنَّ الشَّجَرَ الآنَ فِيهِ ثِمارٌ كَثيرَةٌ ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَنْتَقِي مِنْهَا الثِّمارُ الجَيِّدَةُ. فَلِمَاذَا جَمَعَتَ الثِّمارَ الرَّدِيئَةِ ؟
لَمْ أَعُدْ أَصْعَدُ إِلَى الشَّجَرِ، وَلَمْ أَعُدْ أُتْعَبُ نَفْسِي بِجَمْعِ الثِّمارِ .
وَمِنْ أَيْنَ تَحْصُلُ عَلَى الطَّعامِ .
إِنِّي أَجْمَعَ الثِّمارَ المُتَبَقّيَةَ مِنْ العُمّالِ.
تَقْصِدْ جَمَعَتَ الفاسِدُ اَلَّذِي يَلْقَوْنَهُ وَلَا يستعملونهْ ؟
نَعَمْ.
الأَفْضَلُ أَنْ تَعودَ لِصُعُودِ الأَشْجارِ ، وانْتَقَيَ مِنْهَا مَا تُرِيدُ .
إِنَّ هَذَا شَيْءٌ مُرْهِقٌ .
إِذَنْ لَا تَسْأَلْ عَنْ نَوْعِ الثِّمارِ اَلَّتِي تَأْكُلْها؟ وَكُلُّ مَا يُلْقيَه الآخَرُونَ إِلَيْكَ .
ظَلُّ اَلْقِرْدِ سَهْلَان يَأْكُلُ الثِّمارَ الرَّدِيئَةَ بِسَبَبِ تَكاسُلِه عَنْ الصُّعودِ إِلَى الأَشْجارِ. وَحَدَثَ مَا لَمْ يَكُنْ يَتَوَقَّعُهُ ، لَقَدْ تَدَهْوَرَتْ حَاَلتُه الصِّحّيَّةَ لِأَكْلِهِ الثِّمارَ الرَّدِيئَةِ ، وَصَارَ لَا يَسْتَطيعَ الحَرَكَةَ بِسُهولِه.

وَفِي يَوْمٍ مِنْ الأَيّامِ جَاءَهُ صَديقُه الكَلْبُ ليَزورَه فَأَحْزَنَه مَا رَأَى .
مَا بِكَ يَا سَهْلَانِ ؟ هوَ كَمَا تَرَى :
مَرَضِ وَضَعْفَ .
أَلّاْ تَأْكُلَ طعامًا جيدًا ؟ لَا آكُلُ إِلَّا الثِّمارَ الرَّدِيئَةِ .
الشَّجَرُ مَليءٌ بِاَلْثِمارِ الجَيِّدَةِ وَلَكِنَّكَ لَا تُرِيدُ الصُّعودُ وَتُرْهِقُ نَفْسِك. لَقَدْ ظَنَنْت أَنَّ الكَسَلَ يَمْنَحَك الرّاحَةَ والصِّحَّةَ ، لَكِنَّهُ أَوْرَثَك المَرَضَ والضَّعْفَ.
أَلّاَ تَأْخُذُنِي لِلطَّبِيبِ حَتَّى يعالجَنيْ ؟ إِنَّ عِلاجَك أَنْ تَصَعَدَ فَوْقَ الأَشْجارِ وَتَلْتَقِطَ الثِّمارَ .
إِنَّ عِلاجَك أَنّْ تَكِدْ وَتَكْدَح فِي الحَياةِ .
تَخَلَّصَ اَلْقِرْدٌ سَهْلَان مِنْ الكَسِلِ ، وَعادَ لِصُعُودِ الأَشْجارِ وَجَمْعِ الثِّمارِ ، وَعَادَتْ إِلَيْهِ صَحتُه وَحَيَويّتُه بِفَضْلٍ مِنْ اللَّهِ وَرَحْمَته.

error: النسخ ليس ممكناً