قصة الذئب الخائن 

  مصنف: قصص حيوانات - - 5219 2

إزدادت هجمات الصيادين على الغابة ، وأصبح لا يمر يوم إلا ويظفروا ببعض الحيوانات ، وصارت الحيوانات غير آمنة ، وساد الرعب بينها ، وزاد خوف الحيوانات على صغارها الضعيفة .

ولذلك أعلن الأسد – ملك الغابة – عن عقد إجتماع كبير بين الحيوانات ليبحث هذه المشكلة الكبيرة ، وفي الإجتماع الطارئ طلب منهم تقديم الإقتراحات والأفكار .

قال الفيل : إن الصيادين يأتون في وقت مبكر جدّا قبل أن تستيقظ الحيوانات من نومها ، لذلك عليها أن نعين حراسة بالتناوب ، لتقوم بتنبيه الحيوانات ، ولتقوم الحيوانات الحارسة بإيقاظ الحيوانات النائمة،كي تهرب قبل دخول الصيادين .

فقال الصقر : إن نظري قوي ، وأستطيع أن أراقب مدخل الغابة ، وسوف ننشئ حراسة خاصة من فوق الشجر ، بالتعاون مع زملائي الصقور.

قال الأسد : هذا جيد جدّا أيها الصقر ، وسوف يساعد ذلك في الرصد المبكر لهجوم الصيادين .

فقال القرد : وسوف تقف مجموعة من القرود فوق التلال والأشجار القريبة من مدخل الغابة ، لتلقي الحجارة علي سيارتهم كي تعطل حركتهم ، حتى تهرب الحيوانات .

قال الثعلب : والأهم من هذا أن نقوم بإفساد الطريق المؤدي إلى مدخل الغابة ، فلا تستطيع السيارات المرور فيه والدخول إلى الغابة .

قال الأسد : هذا هو أهم إقتراح ، ولكن لا تنسى أن هناك طرقًا أخرى لدخول الغابة .

قال الثعلب : ولكن الصيادين لا يعرفونها .

قال الفيل :علينا أن نخفي هذه الطرق البديلة بوضع فروع الأشجار المتكسرة عليها ، كي لا تبدوا صالحة للسير فيها .

قال الأسد : هذه خطة محكمة وجيدة .

قال الفيل : لكنها لن تؤتي ثمارها إلا بشيء هام جدّا .

صاح الجميع في صوت واحد : ما هو ؟

فقال الفيل الحكيم : ستنجح الخطة بشرط أن يؤدي كل حيوان دوره بإخلاص.

قال الأسد : هذا ركن هام في أي عمل أيها الفيل،وأشكرك أن نبهتنا لأهميته .

وفي اليوم التالي جاء الصيادون إلى الغابة فوجدوا الطريق مغلقًا ، ووجدوا مقاومة من الحيوانات لم يعتادوها ، فرجعوا على أمل الرجوع في وقت آخر ، وبعد عدة محاولات ، لم يفلح فيها الصيادون في دخول الغابة ، قال رئيسهم: إن هذه الغابة صارت مغلقة أمامنا ، لن تستطيعوا أن تظفروا منها بحيوان بعد الآن ،فقال أحد الصيادين : لقد أحكموا إغلاق ومراقبة الطريق وقاموا بمهاجمتنا .

قال ثالث : لا بد أن يكون هناك طريق آخر ندخل منه إلى الغابة .كيف لنا أن نعرفه ؟

قال رئيس الصيادين :لن يخبرنا به إلا أحد الحيوانات .

الصياد:ومن أين لنا بهذا الحيوان ؟

رئيس الصيادين: دعوني أحاول البحث عن حيوان نستميله معنا .

الصياد:ويخون زملائه الحيوانات ؟

رئيس الصيادين: لا تسميها خيانة ، ولكن دعنا ندعوها شيئًا آخر مثل الطموح أو تشغيل العقل وتفتيح الفكر .

الصياد:إفعل ما تشاء .

ذهب زعيم الصيادين يحوم حول الغابة، فوجد الصقر واقفًا فوق شجرة قريبة فقال : أيها الصقر ، إني أراك صقرًا ذكيّا وإن عندي لك نوعًا من الحبوب يخص الصقور الملكية ، وأبحث عن صقر مثلك كي أعطيه إياه.

الصقر:مقابل ماذا ؟

الصياد:بدون مقابل .

الصقر:كيف ؟

رئيس الصيادين:أريد شيئّا بسيطًا جدّا ، فقط تخبرني عن طريق لدخول الغابة .

الصقر:الطريق مغلق.

رئيس الصيادين:إذا أخبرتني عن طريق بديل فإن هديتك جاهزة .

الصقر:إحتفظ بهديتك لنفسك ، فإني إن أخبرتك عن الطريق فسوف يدخل الصيادون ويظفرون بزملائي وجيراني من الحيوانات ، وحينئذِ لن يكون طعامي من حبوبك الملكية التي ذكرتها ، ولكن .

رئيس الصيادين:لكن ماذا أيها الصقر ؟

الصقر:سوف يكون لحوم أحبائي الحيوانات الذين سوف تصيدونهم .

فانصرف زعيم الصيادين ، وذهب يبحث عن حيوان آخر يدله على طريق ينفذ منه للغابة ، فلمح الصياد ذئبًا يسير وحده ، فقال : أيها الذئب المسكين ، لماذا تسير وحدك ؟ أليس لك أصدقاء ؟

الذئب:كل الحيوانات لا تحب جواري أو صحبتي .

رئيس الصيادين: لماذا ؟

الذئب:يقولون عني إنني سيئ الخلق ، وغير أمين .

قال الصياد في نفسه : لقد وجدت بغيتي ، أنت الذي أبحث عنك .

رئيس الصيادين:أيها الذئب المسكين ، لن تكون وحيدًا بعد اليوم ،لقد صرنا أصدقاء ، من الآن سوف تجدني صديقًا وفيّا متعاونًا .

الذئب:كيف ذلك ؟

رئيس الصيادين:دعنا نلتقي غدًا في نفس المكان , وسوف تعرف .

وفي اليوم التالي جاء الصياد ومعه خروف عظيم ، وقال : لقد جئت إليك أيها الصديق ومعي هدية تكون بداية للصداقة بيننا .. سال لعاب الذئب وزاغت عينه على الخروف ، وقال : أنت حقًا صديق وفيّ ، ولما هم بالإقتراب من الخروف ، منعه الصياد وقال : ولكن قبل ذلك لي عندك مطلب بسيط أيها الصديق.

الذئب: ما هو ؟

رئيس الصيادين:أن تدلني على طريق لدخول الغابة غير الطريق الكبير المغلق .

الذئب:هذا شيء بسيط ، إتبعني وسوف أدلك عليه .

وسار الصياد خلف الذئب حتى عرف الطريق البديل، وتأكد من وصوله إلى داخل الغابة , حينئذِ قال للذئب : هيا بنا نعود كي تأخذ هديتك الثمينة ، ولما عاد الإثنان إلى سيارة الصياد، أمسك الصياد سلاحه وأطلق النار على الذئب فقتله .

وفي اليوم التالي ، فوجئت الحيوانات بهجوم الصيادين ،  الذين قتلوا وأسروا عددًا من الحيوانات .

وبعد الفاجعة ، قال الأسد : لقد نفذ الصيادون من نقطة ضعف فينا ، دعونا نفكر ما هي ؟ كيف عرفوا الطريق الجديد؟

قال الصقر : لابد أن هناك خائناً هو الذي ساعد الصيادين ، ثم روى حكايته مع الصياد الذي حاول أن يخدعه بالحبوب الملكية .

قال الأسد في غضب : نريد أن نعرف الخائن.

وفي اليوم التالي عاد الصقر إلى الأسد وقال : لقد عرفت الخائن ، وأرشد الأسد إلى مكان الذئب المقتول .

قال الأسد : حقّا ، إن آفة التعاون الخيانة .

قال الصقر : وغالبًا ما يكون الخائن أول الخاسرين .

 

***

المؤلف/عبدالله محمد عبد المعطي

error: النسخ ليس ممكناً