القرد لبيب والخرتيت حلمان يعيشان في بيتين متجاورين منذ الطفولة ، كان يجمعهما اللعب صغارًا ، ويتزاوران كبارًا . ذهب القرد لبيب ليزور صديقه الخرتيت حلمان فوجده ثائرًا غاضبًا ، ويخرج من بيته ويعود حاملاً أكوامًا من الحطب .
- خيراً يا خرتيت حلمان .
- عفوًا يا قرد لبيب ، أنا مشغول جدًا اليوم .
- فيم إنشغالك ؟ وما هذه الكومة الكبيرة من الحطب ؟ هل ستصنع طعامًا لضيوف قادمين إليك اليوم ؟
- لا طعام ولا ضيوف ، ولكني سوف أحرق بيت الزرافة .
- الزرافة جارتنا ؟
- نعم .
- لماذا ؟
- لقد حلمت أثناء نومي فرأيت الزرافة تحمل نارًا وتأتي بها إلى بيتي .
- وماذا فعلت بعد ذلك ؟
- لقد سألت الثعلب فقال لي : إنها تنوي أن تحرق بيتك ، ونصحني أن أقض عليها قبل أن تفعل ذلك .
- أيها الأحمق ، تريد أن تقتلها وأطفالها لمجرد حلم رأيته وفسره لك الثعلب الماكر.
- ماذا تريدني أن أفعل ؟
- لو تعرضت لها بأذية سوف أشكوك إلى الأسد .
- تشكوني للأسد وأنا صديقك وجارك ؟
- وهي أيضًا جارتي ، ولن أدعك تظلمها وتعتدي على بيتها .
خاف الخرتيت حلمان أن يؤذي الزرافة فيعاقبه الأسد ، فلم يقدم على إحراق بيت الزرافة ، ولكنه أخذ يراقبها ، ليرى منها أي إستعداد لإشعال النار في بيته . لم يلحظ الخرتيت أي إستعداد أو نية من الزرافة لفعل أي شيء ، فلم تجمع حطبًا أو غيره فقال لنفسه : لعلها سوف تفعل هذا ولكن بعد بعض الوقت . ذهب القرد لبيت إلى صديقه الخرتيت حلمان وقال : لم يحترق بيتك يا خرتيت حلمان .
- حقًا ، ولكن مازلت أحترس .
- إحترس كما تشاء ولكن لا تعتدي .
- عادت الأمور بين القرد لبيب وصديقه الخرتيت حلمان إلى سابق عهدها وصارا يلعبان ويتزاوران .
إنقطع المطر لفترة ، وجفت البحيرات العذبة في الغابة ، أصدر الأسد أمرًا يدعو الحيوانات لإجتماع للتشاور في أمر الماء .
قال الحصان : إن سكان المدينة المجاورة للغابة قد حفروا عدة آبار وظهر منها الماء ، إن مستوى الماء قريب من سطح الأرض .
قال الفيل : هذه فكرة ممتازة ، ما رأيكم أن نفعل مثلهم ؟
قال الأسد : على كل أربعة أو خمسة حيوانات متجاورين أن يحفروا بئرًا مشترك بينهم يتعاونون في حفرها وينتفعون فيها معًا .
وفي اليوم التالي إستيقظ القرد لبيب مبكرًا وحضرت الزرافة والفيل والغزالة وبدؤوا في الحفر .
قالت الزرافة : أين جارنا الخرتيت .
قال القرد لبيب: سوف أذهب له .
ذهب القرد لبيب إلى الخرتيت حلمان فوجده قد إستيقظ من النوم لتوه فقال : هيا أيها الخرتيت ، إن الجيران مستعدون لحفر البئر .
- لن اشترك معكم .
- لماذا ؟ ألن تشرب من هذه البئر ؟
- لقد حلمت بالأمس أن بئرًا كبيرا قد تفجرت بجوار بيتي . فلماذا أتعب نفسي؟
- يا خرتيت حلمان لقد نمت عطشان فحلمت ببئر الماء ، ولكن لا بئر سوف تتفجر ولا ماء سوف يخرج .
إذهبوا أنتم للحفر ، ولن أشارككم في الحفر أو الشرب .
- لك ما تشاء .
إجتهدت الحيوانات في الحفر ، وبدأ الماء في الظهور ففرحوا فرحًا شديدًا ، وأخذوا يشربون ويسقون أطفالهم .
أما الخرتيت فمرعليه يوم ويومان ولم يعد له صوت يسمع .
ذهب القرد والفيل يتفقدانه فوجداه ينام في حالة إعياء شديدة .
- ما بك يا خرتيت؟
رد الخرتيت في صعوبة بالغة وقال : لم أشرب منذ يومين .
- لماذا ؟
- لم يتفجر بئر الماء الذي رأيته في الحلم .
- ضحك الفيل وقال : يا خرتيت حلمان إننا يجب أن نبني حياتنا على الواقع وليس على الأحلام …
***
المؤلف/عبدالله محمد عبدالمعطي