جلس رائدا الفضاء ياسر وجاسر للإعداد لرحلة الفضاء القادمة ، فقال جاسر : نريد أن ندرس تأثير الفضاء على الحيوانات ، ونقرر هل يمكنها الحياة على القمر أم لا ؟ ولذلك علينا أن نختار بعض الحيوانات لنصطحبهم معنا في الرحلة القادمة .
فقال ياسر : ومن أين سنأتي بهؤلاء الحيوانات ؟
- دعنا نذهب إلى الغابة ، ونلتقي بالأسد ونناقش معه الأمر.
ذهب ياسر وجاسر إلى الغابة وطلبا من حارس الغابة أن يسمح لهما بلقاء الأسد ، فقال الحارس : ولماذا تريدان لقاء ملك الغابة ؟
نحن من رواد الفضاء ونريد أن نصطحب معنا بعض الحيوانات في الرحلة القادمة .
زملاؤنا الطيور يطيرون في الفضاء أيضًا ، إذهبا لمقابلة رئيس الطيور ، ما علاقة الأسد ؟
- نرجو أن نقابل الأسد وسوف نشرح له بالتفصيل كل شيء .
دخل الرائدان ياسر وجاسر على الأسد بعد أن أذن لهما ، فنظر ملك الغابة إليهما في شك وقال : أخبرني الحارس أنكما تطيران في الهواء .
- نعم أيها الأسد .
- ولكني لا أرى لكما أجنحة ، وليس الطيران من عادة البشر .
- نحن نصعد إلى الفضاء في سفينة الفضاء .
وهنا غضب الأسد غضبا شديدًا وقال : هل تسخران منى أيها الرجلان ، السفن تسير في الماء ولا تطير في الفضاء ، يبدو أنني سوف ألتهم أحدكما الآن ، والآخر بالغد ، عقابًا لكما على محاولة خداعي والإستهزاء بي …
- اهدأ أيها الأسد وسوف نشرح لك الأمر .
اخذ الرائدان جاسر وياسر يشرحان للأسد ما هو المقصود بسفينة الفضاء حتى فهم الأسد، وقال: الآن تريدان أن تصطحبا بعض الحيوانات معكما في المرحلة القادمة .
- هذا ما نريده تمامًا .
- إذا عودا إلي بعد يومين ، وسوف أرتب لكما لقاء مع بعض الحيوانات الذكية ، ويحضر معنا أيضًا زعماء الحيوانات .
وبعد مرور اليومين حضر الرائدان جاسر وياسر للقاء الحيوانات ، فقال الأسد : تفضل يا سيد جاسر بالتحدث للحيوانات ، فقال جاسر : نحن نصعد إلى الفضاء ونرسو على القمر ، ونريد أن نعرف أثر الفضاء على الحيوان.
فقال الأسد : هل يرغب أحد من الحيوانات أن يصعد إلى الفضاء مع هذين الرائدين ؟
قالت الغزالة : أرجوكم لا تصعدوا إلى القمر حتى لا تحجبوا ضوؤه عنا .
قال الفيل : أخشى إن وقفت فوق القمر أن يسقط بنا .
وقال الخرتيت : حقًا فهو معلق في الهواء ، ثم إنه صغير الحجم ، كيف ستقفون عليه جميعًا ؟
وهنا قال الرائد ياسر : إن هذا القمر كبير الحجم ، وهو معلق في الهواء بقدرة الله تعالى ولن يؤثر فيه أن يقف فوقه مئات الناس والحيوانات ، ثم إن هناك شيئًا آخر .
قال الأسد : ما هو ؟
- إن هذه الأرض التي نعيش عليها معلقة أيضًا في الفضاء .
- كيف هذا ؟ إني لا أصدق هذا الكلام.
- سوف يرى من يصعد معنا من الحيوانات ذلك .
- كم حيوانًا تريدان ؟
- نريد ثلاثة حيوانات ذوات أحجام مختلفة .
- كيف ؟
- حيوان كبير الحجم مثل الفيل ، وحيوان متوسط الحجم مثل الغزال ، وثالث صغير الحجم مثل الأرنب .
قال الفيل : أوافق . وقالت الغزالة والأرنب : ونحن أيضًا .
قال الأسد : ألا تريدون أسدًا يذهب معكم ؟
- ومن يكون ملكاً للغابة إذا صعدت للفضاء أيها الأسد ، ثم إنك حيوان مفترس ، وسوف يخشاك كل من في الرحلة … والآن يجب أن يخضع الجميع للتدريب .
وبالفعل خضعت الحيوانات للتدريب الشاق ، وتعودوا لبس الأقنعة ، والتنفس بالأجهزة الصناعية ، حتى أتموا برنامج التدريب المطلوب .. وفي اليوم المحدد للرحلة وقفت الحيوانات ليودعوا زملاءهم الذين سيصعدون إلى الفضاء ، ودخل الأرنب والغزالة إلى السفينة بسرعة ، بينما دخل الفيل بصعوبة بسبب حجمه الكبير، وإنطلقت السفينة إلى الفضاء والحيوانات ينظرون إليها ، وظلوا يراقبونها حتى إختفت عن الأنظار .
وبعد أن طاروا في الهواء بعيدًا جدًا الرائد جاء للفيل وقال : هل ترى هذه الكرة الكبيرة المعلقة في الفضاء ؟
- نعم ، أراها ، وأرجو أن تقف عندها سفينة الفضاء .
- لماذا يا فيل ؟
- كي نأخذها لزملائنا الحيوانات ليلعبوا بها عندما نعود إلى الأرض .
- هل تدري ما هذه الكرة ؟
- لا
- إنها الأرض التي خرجنا منها .
- كاد الفيل يصعق من الدهشة ، وقال : تعني أن الأسد يجلس ألآن فوق هذه الكرة هو وبقية زملائنا الحيوانات ؟
- نعم .
- وأشجار الغابة ومياهها وإخواني الفيلة ؟
- نعم يا فيل نعم ، كل ذلك على هذه الكرة .
- أخشى عليهم أن تطير بهم الأرض ، فلا نجدهم عندما نعود.
- إطمئن يا فيل ، فالأرض مستقرة وتدور حول الشمس منذ ملايين السنين.
- ومن يمسكها في الفضاء الواسع ؟
- الله رب العالمين .
وصلت سفينة الفضاء إلى القمر وبدأ الجميع في الهبوط، ولما رأت الحيوانات الرمال والصخور ، قالت الغزالة : حسنًا ، لقد عدنا إلى الأرض.
فقال الرائد ياسر : بل هبطنا على القمر .
- هل هذه الصخور والرمال فوق القمر ؟
- نعم .
- إذا دعنا نزور الغابة التي فوق القمر ونلتقي بالحيوانات التي فيها .
- لا توجد حيوانات هنا ، ولا يعيش فوق القمر إلا رواد الفضاء الذين يأتون من الأرض ، ومن معهم من الحيوانات لإجراء التجارب مثلنا …
- مكث رواد الفضاء والحيوانات فترة فوق القمر لإجراء التجارب ، وأبدت الحيوانات تعاونًا كبيرًا بالرغم أنهم كانوا لايفهمون شيئًا من التجارب ، وبعد حوالي أسبوعين ، قال الرائد ياسر للغزالة : هل إشتقت للأرض يا غزالة؟
دمعت عينا الغزالة وقالت : أشتاق إليها بشدة ، أشتاق لبيتي وجيراني ، أشتاق لشجر الغابة ومائها ، أشتاق لهواء الغابة ونسيمها ، أشتاق لأكل الأعشاب والجري والمرح فيها ، ألا ما أحلى الغابة !
- لقد انتهى عملنا وسوف نهبط إلى الأرض غدا إن شاء الله .
وبعد العودة إلى الأرض إستقبلت الحيوانات زملائهم العائدين من القمر بحفاوة وشوق كبيرين ، وبعد أن قضت الحيوانات العائدة عدة أيام للراحة ، إستقبلهم الأسد وقال : أخبروني عن إنطباعاتكم عن الرحلة ؟
قال الفيل : عجبًا لهؤلاء البشر، كيف يفكرون في العيش على القمر ويتركون تعمير أرضهم التي يعرفونها وفيها راحتهم وسعادتهم ؟ ! كيف يذهبون إلى كواكب أخرى لا يعلمون عنها الكثير ويتركون أرضنا الجميلة التي نعرفها وتعرفنا ؟
قالت الغزالة : إن الأرض لم تصبح ضيقة بمن عليها حتى نبحث عن مكان آخر نعيش فيه .
فقال الأسد : بل ضاقت الأرض بمن عليها ، ولكن ليس من قلة المساحة يا غزالة ، لكنها ضاقت على ساكنيها بضيق نفوس سكانها يا عزيزتي الغزالة .
***
المؤلف/عبدالله محمد عبد المعطي