الحمار لَوْمان هو رئيس الحمير ، دائماً له آراؤه الخاصة في إدارة الغابة ، فهو دائم الإنتقاد للأسد ملك الغابة … فكان يقول : إن ملك الغابة أسد مستبد ، لا يستشير أحدًا في شيء ، ولا يراعي مصلحة الحيوانات ولا آرائهم فيما يفعله أو يتخذه من قرارات .
جلس الحمار لَوْمان يومًا مع صديقه القرد سرحان وبعد حوار طويل قال رئيس الحمير لصديقه : إن الحياة في هذه الغابة لم تعد تحتمل ، فقال القرد : لماذا يا صديقي الحمار لَوْمان ؟
- ألا ترى هذا الأسد الظالم كيف يستولي على أحسن أماكن الغابة ليستريح فيها ويترك الأماكن المشمسة القليلة الأشجار للحيوانات .
- ولكني أرى بيتك مريحًا يا حمار لَوْمان .
- وماذا يكون بيتي بالنسبة إلى بيت الأسد ..وفي هذه الأثناء دخل اثنان من شباب الحمير إلى بيت رئيسهم لَوْمان ، فقال : ماذا عندكم؟ فقال أحدهما : إن بيتي ضيق وأريد منك أن تجري تعديلاً بسيطًا في تصميم بيوت الحيوانات .
- انفعل الحمار لَوْمان وقال غاضبًا : لن أغير شيئًا ، هذا التصميم وصلت إليه بعد جهد وتعب ولن أغيره أبدًا.
- – رد الحمار قائلاً : لكن هذه شكوى عامة من كل الحمير … وهنا تدخل الحمار الثاني وقال : إن لدي تصميمًا أظنه سوف يحقق الهدف المطلوب من ناحية سعة البيوت وتهويتها .
- أي تصميم هذا للبيوت هو أفضل مما قدمته أنا ؟ إن خبرتي الطويلة لا تفوقها خبرة أي منكم من الحمير صغيرة السن .
- دعنا نتناقش .
- لا من نقاش ولا غيره لن تغير شيئًا .
ظل القرد سرحان ينظر إلى الحوار الدائر بين الحمار لَوْمان وشباب الحمير ، وشرد بفكره في حال الحمير ورئيسهم واستيقظ من تفكيره على صوت الحمار لَوْمان وهو يقول : هل ترى هاذين الحمارين الغبيين ، إن عقلهم قد صور لهما أنهما يفهمان أكثر مني ، إنهما يظنان أن هناك فكرة قد طرأت على عقليهما ولم أفكر أنا فيها ، ألم تر كيف يريدان تغيير التصميم الذي وضعته بخبرتي الطويلة ؟
- فرد القرد في هدوء : ولماذا لم تناقش الأمر معهما ؟
- كل ما يعرضانه هو هراء وكلام فارغ.
- كيف عرفت ذلك ؟ هل اطلعت عليه من قبل أو سمعت عنه ؟
- لا حاجة إلى الإطلاع عليه ، هناك فرق كبير في التفكير بيني وبينهما .
- ولكن لا يوجد مخلوق يعرف كل شيء .
- ولكن العقول أيضًا درجات … هيا عودا من حيث أتيتما … وانصرف الحماران .
استأذن القرد سرحان وخرج خلف الحمارين وطلب منهما التصميم الجديد الذي يقترحانه ، وبالفعل أعطاه أحدهما التصميم بينما قام الآخر بشرح الفكرة للقرد … أعجب القرد وعاد إلى بيت الحمار لومان وفي نيته حيلة جميلة .
لقد عاد الى صديقه لَوْمان وقال له : إن الأسد ملك الغابة يقترح هذا التصميم الجديد لبيوت الحيوانات ، نظر الحمار لَوْمان إلى الرسم الجديد بتركيز وأخذ يفكر فيه وقال : إن الرسم الجديد رائع جدا.
- هلا أعجبك ؟
- حقَّا إنه رائع ، ولكن حتى إن لم يعجبني ماذا سأفعل ؟
- هل ستنفذه؟
- بالطبع .
- وإن كان هذا الرسم من صنع حماريك الشابين فماذا ستفعل؟
- لن أقبله .
- إذن أنت أكثر طغيانًا من الأسد الذي تلومه .
- كيف؟
- إذا كنت لا تستمع ولا تكترث بآراء قوم من الحمير ، هل تريد من الأسد أن يستمع إليها ؟
- إذا كنت أنت الذي تعيش معهم وتعرف آمالهم وآلامهم لا تأبه لرغباتهم ، وتعتبر أن رأيك لا بديل عنه ، فكيف ينظر الأسد صاحب العرين إلى بقية الحيوانات؟
نظر الحمار لَوْمان إلى القرد سرحان وقال : أنت على حق يا صديقي القرد، ولكننا دائما ننظر إلى عيوب غيرنا ولا نرى عيوبنا .
***
المؤلف/عبدالله محمد عبدالمعطي