يعيش الحمار شاكر لدى صاحبه المزارع العم عقلان ، يقوم مبكرًا في الصباح ويذهب إلى الحقل حاملاً صاحبه المزارع وأدواته ، ويعود في المساء حاملاً المحصول وخيرات الحقل ، ويبيت في حجرته الواسعة في بيت العم عقلان ، وكان العم عقلان يحب الحمار شاكرًا ويسهر على رعايته ..
دخل العم عقلان يومًا على الحمار شاكر وقال : كيف حالك يا حمار شاكر؟
- بخير يا عم عقلان .
تفقد العم عقلان حجرة الحمار شاكر فوجده يشرب ويأكل في أوعية قديمة متهالكة .
قال العم عقلان : سوف أحضر لك أطباقًا جديدة يا حمار شاكر .
- أشكرك يا عم عقلان .
- وفي اليوم التالي أحضر العم عقلان عددًا من الأطباق الكبيرة ، ففرح الحمار شاكر بأطباقه الجديدة ، فلقد صار طعامه أكثر نظافة ، وأصبح هو أكثر سعادة ونشاطًا وجدًّا في عمله ، وبينما كان الحمار شاكر في طريقه إلى الحقل ، قابله الحصان ماكر فقال له شاكر: مرحبًا بصديقي الحصان ماكر.
- مرحبا بك يا حمار شاكر .
- أين تعيش الآن ؟
- أعيش في بيت أحد المزارعين الأغنياء ، وقد وفر لي بيتًا كبيرًا به حجرتان .
- هل يعيش معك أحد آخر من الحيوانات ؟
- لا الحجرتان لي وحدي .
- إذا فبيتك واسع وجميل .
- الحمدلله .
صمت الحصان ماكر برهة ثم قال: ليس لدي عمل بالغد، سوف آتي لزيارتك .
- مرحبًا بك يا صديقي .
- وفي اليوم التالي جاء الحصان ماكر إلى بيت الحمار شاكر .
- السلام عليكم يا حمار شاكر .
- وعليكم السلام يا حصان ماكر ، تفضل .
قام الحمار شاكر بتقديم الطعام والماء لصديقه الحصان ماكر في أطباقه الجديدة ، فقال الحصان ماكر : ما أجمل هذه الأطباق يا حمار شاكر !
- لقد أحضرها العم عقلان لي منذ بضعة أيام .
- أريد أن أستعير منك هذه الأطباق لمدة يومين .
- ألا يوجد عندك أطباق للأكل ؟
- بلى يوجد عندي ، ولكنها أقدم من هذه قليلاُ .
- إذا سوف يزورك بعض أصدقائك .
- لا .
- تعجب الحمار شاكر من أسلوب صديقه ماكر وقال له : لا بأس يمكنك أخذ الأطباق لمدة يومين.
وعاد الحمار شاكر لإستخدام أطباقه القديمة ، وبعد مرور يومين إنتظر الحمار شاكر عودة أطباقه المعارة إلى الحصان ماكر ولكنه لم يأت بها ، ومرّ أسبوع وأسبوعان ولم تعد الأطباق .
وبينما هو في طريقه يومًا قابل الحصان ماكر فقال له : مرحبًا بك يا ماكر لعل المانع خير ، لماذا لم ترجع لي أطباقي ؟ قلت لي إن عندك أطباق جيدة يمكنك إستخدامها وهذا يعني أنك لا تحتاج إلى اطباقي .
- ولكن أطباقك جديدة وجميلة وتعجبني .
- ولكني أريدها فهي ملكي .
- عجبًا لك يا حمار شاكر ، طبعًا هذه الأطباق ملكك ولكنها سوف تبقى عندي بعض الوقت .
- ولكني أريد الإنتفاع بها .
- هي ملكك وسوف تعاد إليك لا محالة … وتركه وإنصرف مسرعًا . بعد أيام دخل العم عقلان إلى غرفة الحمار شاكر ليتفقده ، فلم يجد أطباقه الجديدة ووجده يستخدم الأطباق القديمة المتهالكة ، فقال له: أين أطباقك الجديدة يا حمار شاكر ؟
- لقد إستعارها الحصان ماكر.
- منذ متى؟
- حوالي شهر .
- ومتى سيرجعها ؟
- لقد إتفقنا على أن يرجعها بعد يومين ، ولكنه لم يعدها .
- لماذا؟
- هي تعجبه ويستمتع بها .
- لعل صديقك لا يملك أطباقًا يأكل أو يشرب فيها ؟
- بل إن عنده أطباقًا جيدة ، وبيتًا واسعًا .
أخذ العم عقلان يبحث في حيلة يستعيد بها الأطباق ويعلم الحصان ماكر درسا لا ينساه ، وبعد تفكير عميق قال للحمار شاكر : سوف تذهب وتقيم عند صديقك لمدة أسبوع .
- والعمل في الحقل ؟
- سوف أتدبر أمري .
- وبالفعل ذهب العم عقلان والحمار شاكر إلى بيت الحصان ماكر وقال له : السلام عليكم يا حصان ماكر .
- مرحبا بك يا عم عقلان وأنت يا صديقي الحمار شاكر .
- إسمع يا ماكر ، سوف يمكث عندك الحمار شاكر لمدة يومين ، حتى أنتهي من عمل بعض الصيانة في حجرته .
- على الرحب والسعة بصديقي الحمار شاكر .
وأقام الحمار شاكر ببيت صديقة يومان ، لكن بعد إنتهائهما لم يأت العم عقلان ليأخذ حماره شاكرًا ، وأنا أرسل له طعامه فقط مع أحد الجيران ، وبعد مرور أسبوع جاء العم عقلان إلى بيت الحصان ومعه طعام الحمار شاكر ، ولما رآه سلم عليه ثم تركه وإنصرف ، فأسرع الحصان ماكر خلف العم عقلان ، وقال : ألم تنته أعمال الصيانة في حجرة الحمار شاكر؟
- بلى إنتهت .
- ولماذا لا يعود إلى بيته ؟
- هو يحب البقاء في بيتك فهو جميل ويعجبه ، أليس عندك حجرتان ؟
- نعم عندي بيت واسع ولكن أليس لدى شاكر بيت مناسب ، فلماذا يعيش في بيتي أنا ؟
- هو لن يأخذ بيتك ، فهذا ملكك لا جدال ، وسوف يرجع قريبا إلى بيته ، هو لن يستولي على بيتك بل سيقيم فيه لأنه يعجبه ، فلماذا الغضب ؟
- كل مخلوق أولى بالراحة في بيته .
- نعم صدقت ، وكل مخلوق أولى بالإستمتاع بالأكل في أطباقه الجديدة .
- الآن فهمت ما تريد .
- وما فهمت يا مكار؟
- تريد أن تعلمني أن أرضى بما في يدي ولا أنظر لممتلكات الآخرين .
- نعم يا حصان مكار ، إننا جميعًا أغنياء وسعداء إذا نظرنا لما في أيدينا من النعم ، لكننا ننسى ما عندنا حين ننظر لم في أيدي غيرنا ونشعر عندها بالفقر …
***
المؤلف/عبدالله محمد عبد المعطي